- ما سر زيارة تبون إلى مصر فى الوقت الحالى.. وكواليس قمة الاتحادية مع الرئيس السيسى .- هل هناك مبادرة لإنها

كورونا,فيروس كورونا,مصر,القاهرة,وزير الخارجية,المالية,الأزهر,ليبيا,إثيوبيا,تونس,السعودية,أمريكا,الأولى,سد النهضة,الاقتصاد,العالم,أحداث,المملكة العربية السعودية,إفريقيا,محمود الشويخ

الإثنين 29 أبريل 2024 - 09:42
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: « حلف الكبار »  ماذا فعل الرئيس الجزائرى فى القاهرة؟

محمود الشويخ - صورة أرشفية  الشورى
محمود الشويخ - صورة أرشفية

- ما سر زيارة تبون إلى مصر فى الوقت الحالى؟.. وكواليس "قمة الاتحادية" مع الرئيس السيسى .

- هل هناك مبادرة لإنهاء جمود مفاوضات سد النهضة بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم؟

- كيف يتعاون البلدان لمكافحة التنظيمات الإرهابية المتطرفة؟.. وتفاصيل التعاون لمواجهة الفوضى فى ليبيا .

باقتدار بالغ يدير الرئيس السيسى ملف العلاقات الخارجية.. هذا ما أثبتته تجارب السنوات الماضية مرة تلو الأخرى. هل نعود إلى الوراء قليلا؟

نحن الآن فى عام ٢٠١٤.. الرئيس السيسى تسلّم القيادة وعلاقات مصر مع دول العالم ليست على ما يرام.. عضوية القاهرة فى الاتحاد الإفريقى معلقة.. الدول الغربية لا تزال تعانى تشويشا فى رؤيتها.. والولايات المتحدة أدارت ظهرها لحليفها الأهم فى المنطقة على وقع الفهم الخاطئ لما حدث فى ٣٠ يونيو.

وعلى رقعة العالم العربى لم تكن الأمور فى أحسن حال.. باستثناء المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين والكويت كانت العلاقات عادية بل فاترة فى بعض الأحيان، بفعل سنوات الفوضى التى أعقبت أحداث الخامس والعشرين من يناير وأيام حكم الإخوان.

وليس مجهولا أن قوى عربية لم تكن راضية أيضا عما حدث فى ٣٠ يونيو.

كانت المهمة ثقيلة بدون شك.. لكنه كان يتعامل كجراح ماهر.. وكان الله معه بتوفيقه فى كل الخطوات.

عادت مصر إلى الاتحاد الإفريقى من جديد، وقاد هو العمل القارى لمدة عام تولت خلاله القاهرة رئاسة الاتحاد.

أوروبا فتحت ذراعها لمصر الأمن والأمان والاستقرار، وأدركت أنها لا يمكنها الاستغناء عن رمانة ميزان المنطقة وحجر الزاوية فى الاستقرار الإقليمى.

أما أمريكا فأيقنت أنها أيضا لم تتعامل مع حليفها القوى كما ينبغى أن تكون العلاقات بين الحلفاء.. وعادت الأمور إلى نصابها.. ربما إلا قليلا لأسباب ليس مكانها الآن.

وعلى الصعيد العربى عادت مصر من جديد سندا للأشقاء جميعا.. واستعادت الدفء فى علاقتها من الدول العربية من جديد.

وكان فى المقدمة الجزائر التى اختارها الرئيس عبد الفتاح السيسى لتكون فى مقدمة وجهاته الخارجية بعد انتخابه رئيسا للجمهورية فى عام ٢٠١٤.

أكتب هذه الكلمات والقمة المصرية- الجزائرية قد انعقدت فى القاهرة بقصر الاتحادية ضمن زيارة للرئيس الجزائرى، عبدالمجيد تبون، إلى مصر استمرت يومين، وشكلت فرصة لتعزيز العلاقات التاريخية والسياسية بين البلدين، وتوسيع مجالات التعاون الثنائى، وكذلك مواصلة التنسيق والتشاور حول أهم القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وقد جاءت هذه الزيارة تتويجا لما تشهده العلاقات الجزائرية-المصرية مؤخرا  من ديناميكية تجلت بشكل كبير فى تبادل الزيارات بين مسؤولى البلدين، والتى كان آخرها زيارة وزير الخارجية الجزائرى رمطان لعمامرة إلى مصر، الأسبوع الماضى، بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية، وقبلها الزيارة الرسمية التى قام بها رئيس أركان الجيش الجزائرى، الفريق السعيد شنقريحة، إلى القاهرة، لحضور النسخة الثانية من معرض مصر الدولى للصناعات العسكرية (EDEX 2021)، خلال الفترة من ٢٩ نوفمبر وحتى ٢ ديسمبر الماضى.

وتمتد قوة العلاقات المصرية-الجزائرية إلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، فعلى الصعيد السياسى، تشهد المواقف المصرية- الجزائرية توافقا فى الرؤى السياسية إزاء العديد من القضايا التى تطرأ على الساحة العربية والإقليمية وأيضا الدولية، من بينها على سبيل المثال الأزمة الليبية، ففى يناير ٢٠٢٠، قام سامح شكرى، وزير الخارجية، بزيارة إلى الجزائر للمشاركة فى مؤتمر "دول الجوار الليبى"، وأكد وزيرا خارجية البلدين سامح شكرى ورمطان لعمامرة، على تطابق وجهات النظر حول الملف الليبى والتى تقضى بضرورة حلحلة الأزمة الليبية سياسيا، وضرورة دعم أمن ليبيا، والحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق ودول جواره، والتأكيد على ضرورة إنهاء الأزمة الليبية عبر التوصل إلى حل سياسى، يمهد الطريق لعودة الأمن والاستقرار فى البلد الشقيق، ويقوض التدخلات الخارجية به.

كما تمثل مكافحة الجماعات والتنظيمات الإرهابية هدفا مشتركا للجزائر ومصر، حيث عانى البلدان من ويلات التطرف والإرهاب باسم الدين، وكان البلدان هدفا للإرهاب عدة سنوات، نظرا لإمكانياتهما وقوتيهما، باعتبار الجزائر من أكبر الدول العربية مساحة، ومصر هى أكبر الدول العربية سكاناً.

وتستمد العلاقات التاريخية بين البلدين إلى إرث تاريخى من الدعم والمساندة المتبادلة، فقد ساندت مصر الجزائر فى ثورتها التحريرية فى مواجهة الاستعمار الفرنسى عام 1954، وتعرضت مصر لعدوان ثلاثى، فرنسى إسرائيلى، بريطانى، عام 1956 بسبب موقفها المساند لهذه الثورة.

وفى المقابل، قدمت الجزائر خلال عهد الرئيس هوارى بومدين مساندة كبيرة لمصر سياسيًا وماديًا عقب هزيمة 67، وهو الدعم الذى استمر بعد رحيل الرئيس عبد الناصر، وتواصل حتى حرب 1973 التى شاركت فيها قوات جزائرية، حيث طلب بومدين من الاتحاد السوفيتى عام ١٩٧٣ شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى مصر، وباشر الرئيس الجزائرى اتصالاته مع الاتحاد السوفيتى لشراء العتاد العسكرى لمصر بالمبالغ المالية.

وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، تعد مصر الشريك الاقتصادى الثانى للجزائر، وحققت مصر زيادة فى صادراتها غير البترولية للجزائر بنسبة 10% خلال النصف الأول من عام 2021 بالمقارنة بذات الفترة من العام الماضى، على الرغم من التأثير السلبى لـ جائحة كورونا على الاقتصاد الجزائرى، وذلك بحسب الأرقام الصادرة عن المديرية العامة للجمارك بالجزائر.

وزاد حجم التبادل التجارى بين مصر والجزائر، خلال هذه الفترة، بنسبة 15.4% ليصل إلى ما قيمته 392.7 مليون دولار.

ووفقا للجمارك الجزائرية، احتلت مصر المرتبة 15 لأهم الدول المصدرة للجزائر، والمرتبة 24 لأهم الدول المستوردة منها.

وعلى صعيد العلاقات الثقافية بين البلدين، شهدت هذه العلاقات زخما كبيرا، حيث قام الموسيقار المصرى الراحل محمد فوزى بتلحين النشيد الوطنى الجزائرى الذى يعد رمز الدولة الجزائرية، وألفه شاعر الثورة الجزائرية مفدى زكريا، كما قامت السينما المصرية بإنتاج أهم عمل فنى مجد الثورة الجزائرية وبطولات المجاهدين هو الفيلم المصرى "جميلة بو حريد"، الذى أخرجه المصرى يوسف شاهين عام 1958.

كما حلت الجزائر كضيف شرف على معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ49 فى عام ٢٠١٨، ويستقبل الأزهر دعاة الجزائر والأئمة والوعاظ لتلقى الدورات التدريبية، التى يعقدها الأزهر بين الحين والآخر، إلى جانب وجود بعثات من الطلاب الجزائريين الذين يدرسون فى رحاب الأزهر الشريف.

ولقد توقفت أمام تقرير مهم نشرته صحيفة لكسبريسيون الجزائرية أكد أن مصر والجزائر تعملان على تجسيد محور الجزائر-القاهرة، مشيرة إلى أن العملاقين الإفريقيين، اللذين شهدت تطوراتهما على مدار العشرين عامًا الماضية بعدة نقاط تقارب، قاما بتكليف هذه المهمة إلى مجتمعات الأعمال الخاصة بهما.

الصحيفة الناطقة بالفرنسية أشارت إلى أنه بذلك سيكون المشغلون الاقتصاديون فى البلدين هم الذين سيتعين عليهم تشكيل الروابط الحقيقية الأولى وتوطيدها ومنحها البعد الإستراتيجى الذى ينبغى أن يكون لديهم.

وقالت "لكسبريسيون" إن الهدف الأساسى من هذا النهج هو تحسين فرص كلا البلدين لإنتاج صناعات صلبة قادرة على التألق فى إفريقيا، مشيرة إلى أن الترادف الجزائرى- المصرى يمتلك بشكل فعال الوسائل المادية والموارد البشرية لتضميد جراح ليبيا بصورة فورية.

وأضافت الصحيفة أنه يمكن للجزائر والقاهرة المساهمة بأكثر من 40 % من إعادة إعمار ليبيا، إذا منحهما الليبيون الفرصة.

وقالت "لكسبريسيون" إن الجزائر يمكن أن تكون أكثر فعالية فى إطار محور الجزائر- القاهرة فى الإجراءات الاقتصادية التى تقوم بها فى تونس وموريتانيا ومالى والنيجر، لافتة إلى أن التنسيق بين البلدين فى جميع هذه المناطق من شأنه أن يعطى نتائج رائعة، وبالتالى، سوف يدمج كل شمال إفريقيا وجزءًا من منطقة جنوب الصحراء الكبرى.

والحق أن هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة لسببين، أولهما ملف سد النهضة، فقد بدأت الجزائر تحركات دبلوماسية مكثفة للوصول إلى حل لأزمة سد النهضة بين إثيوبيا من جهة ومصر والسودان من جهة أخرى.

وفى وقت سابق كان الرئيس الجزائرى -  الذى أبدى ثقة كبيرة فى إمكانية نجاح وساطة بلاده فى حلحلة الأزمة بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة - قد أكد أن هناك مبادرة جزائرية خالصة لحلحلة الأمور.

ويحفل رصيد الجزائر بتجارب غنية فى مجال حل النزاعات الدولية سلمياً، إذ نجحت الدبلوماسية الجزائرية على مدى عقود فى نزع فتيل عدد من الأزمات، لعل أبرزها الدور المحورى الذى لعبته فى إنهاء النزاع العراقى – الإيرانى وتوقيع اتفاقية الجزائر عام 1975 وهو الدور الذى لعبه الرئيس الراحل هوارى بومدين ووزير خارجيته وقتها عبد العزيز بوتفليقة .

كما لعبت الجزائر دوراً هاماً من أجل التوصل إلى إبرام اتفاق للسلم والمصالحة بين الفرقاء فى مالى وغيرها من الملفات الإفريقية الشائكة.

أما الملف الثانى فهو القمة العربية المرتقبة المقرر أن تستضيفها الجزائر، مارس المقبل، والتى تواجه تحديات جمة، خصوصا بعد إعلان الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكى عن تأجيلها لأسباب تتعلق بجائحة فيروس كورونا وهو ما نفته الجزائر لاحقا.  إننا نشهد نقلة جديدة فى العلاقات المصرية - الجزائرية وهو ما يستدعى معه دعما شعبيا يتجاوز رواسب الماضى.